×
20 جمادى أول 1446
22 نوفمبر 2024
الجمهورية الجديدة
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير: مرتضى أبوعقيل
مقالات

رحل‭ ‬أبي‭ ‬وشيخي‭ ‬وسندي

الراحل الشيخ الشريف/ عدلي محمود هيكل
الراحل الشيخ الشريف/ عدلي محمود هيكل

مولانا‭ ‬الحبيب‭... ‬يا‭ ‬أوفى‭ ‬وأطيب‭ ‬رجل‭ ‬رأته‭ ‬عيني‭... ‬فعلى‭ ‬روحك‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬كل‭ ‬الرحمات‭ ‬والمغفرة‭ ‬من‭ ‬الله‭.‬

أبي‭ ‬وشيخي‭... ‬ يا‭ ‬من‭ ‬أنت‭ ‬أغلى‭ ‬من‭ ‬نفسي‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬جوانحي،‭ ‬وأحبّ‭ ‬إليّ‭ ‬من‭ ‬روحي‭ ‬التي‭ ‬تسري‭ ‬في‭ ‬جسدي‭... ‬غائب‭ ‬عنا‭ ‬بجسدك‭ ... ‬باقٍ‭ ‬فينا‭ ‬بروحك‭.‬‭..‬تركت‭ ‬خلفك‭ ‬أحباب‭ ‬ومريدن،‭ ‬وأناس‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬ينسوك‭...‬سلام‭ ‬عليك‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬طبت‭ ‬حياً‭ ‬وميتاً‭... ‬يا‭ ‬من‭ ‬كنت‭ ‬أجد‭ ‬عنده‭ ‬سعة‭ ‬الصدر،‭ ‬ولين‭ ‬الجانب،‭ ‬تغمرني‭ ‬بحنانك،‭ ‬تزرعني‭ ‬في‭ ‬حدائق‭ ‬قلبك‭ ...‬تحرسني‭ ‬بعيونك،‭ ‬وتحميني‭ ‬من‭ ‬نوائب‭ ‬الدهر‭ ‬وأوجاعه‭... ‬

مولانا‭ ‬الحبيب‭...‬لن‭ ‬يضيع‭ ‬ما‭ ‬علّمته‭ ‬لي‭ ‬وغرستهُ‭ ‬في‭ ‬نفسي،‭ ‬وسأظل‭ ‬دوماً‭ ‬ابنك‭ ‬ومريدك‭ ‬الذي‭ ‬تفخر‭ ‬به‭ ‬ولن‭ ‬أخيّب‭ ‬ظنك‭ ‬بي‭... ‬وانا‭ ‬على‭ ‬الوعد‭ ‬والعهد‭ ‬الذي‭ ‬قطعته‭ ‬أمامك‭..‬

رحل‭ ‬أبي؛‭ ‬وغاب‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬وتركني؛‭ ‬انها‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬وسنة‭ ‬الحياة؛‭ ‬ولكن‭ ‬الفراق‭ ‬صعب؛‭ ‬والموقف‭ ‬جلل؛‭ ‬ففي‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة؛‭ ‬تكتشف‭ ‬أنك‭ ‬أمسيت‭ ‬وحيدًا‭ ‬بلا‭ ‬سند‭ ‬ولا‭ ‬عزوة؛‭ ‬مكسورًا؛‭ ‬فقد‭ ‬رحل‭ ‬الداعم‭ ‬والوتد‭ ‬الذي‭ ‬ترتكز‭ ‬عليه‭.‬

نعم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه؛‭ ‬إلى‭ ‬حوله‭ ‬وقوته؛‭ ‬لتبدأ‭ ‬الذكريات‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬شريطها؛‭ ‬بأيامها‭ ‬وسنواتها‭ ‬الطويلة؛‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وعيت‭ ‬وأدركت‭ ‬أنه‭ ‬قوتي‭ ‬التي‭ ‬تجبرني‭ ‬وتحميني؛‭ ‬سندي‭ ‬الذي‭ ‬يؤويني؛‭ ‬الدرع‭ ‬التي‭ ‬تسترني؛‭ ‬الخِل‭ ‬الوفي‭ ‬الذي‭ ‬يلبي‭ ‬حاجتي‭ ‬قبل‭ ‬طلبها‭.‬

إنه‭مولانا‭ ‬الحبيب‭ ‬الغالي؛‭ ‬الذي‭ ‬أحبني‭ ‬وأفنى‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬حبي؛‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬المقابل؛‭ ‬حملته‭ ‬بيدي‭ ‬إلى‭ ‬قبره؛‭ ‬مودعًا‭ ‬جثمانه‭ ‬الطاهر‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يواريه‭ ‬الثري؛‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أتخيل‭ ‬أني‭ ‬لن‭ ‬أراه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى؛‭ ‬وبات‭ ‬في‭ ‬معية‭ ‬خالقه؛‭ ‬الذي‭ ‬ستره‭ ‬فوق‭ ‬الأرض؛‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬رحابه‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭.‬

رحل‭ ‬أبي؛‭ ‬وترك‭ ‬لي‭ ‬ولأخوتي‭ ‬تاريخًا‭ ‬ناصع‭ ‬البياض؛‭ ‬واسمًا‭ ‬نتشرف‭ ‬بأننا‭ ‬نحمله؛‭ ‬وسيرة‭ ‬طيبة؛‭ ‬هي‭ ‬تاج‭ ‬تتزين‭ ‬بها‭ ‬رؤسنا؛‭ ‬فقد‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬المستقيم‭ ‬غاية‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الحياد‭ ‬عنها‭ ‬مهما‭ ‬قابلت‭ ‬من‭ ‬تحديات،‭ ‬وأن‭ ‬الرجولة‭ ‬والشهامة‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق‭ ‬أداء‭ ‬نلتزم‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬يوم؛‭ ‬مضن‭ ‬ومُجهد؛‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬أدائه‭.‬

رحل‭ ‬أبي‭ ‬وشيخي؛‭ ‬ونصائحه‭ ‬وتوجيهاته؛‭ ‬يتردد‭ ‬صداها‭ ‬في‭ ‬أذنيَّ‭ ‬لا‭ ‬تنقطع؛‭ ‬فقد‭ ‬تشكلت‭ ‬شخصيتي‭ ‬بشخصيته؛‭ ‬وشُد‭ ‬عضُدي‭ ‬بفضله؛‭ ‬فالمواقف‭ ‬الذي‭ ‬مررنا‭ ‬بها‭ ‬معًا؛‭ ‬معين‭ ‬لا‭ ‬ينضب؛‭ ‬استنير‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬حياتي‭.‬

رحل‭ ‬أبي؛‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أصدقائه؛‭ ‬يتصلون‭ ‬بي‭ ‬على‭ ‬هاتفي؛‭ ‬يسألون‭ ‬عنه؛‭ ‬متى‭ ‬سيخرج‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭.‬

رحل‭ ‬أبي؛‭ ‬وهو‭ ‬لن‭ ‬يقرأ‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات؛‭ ‬وهي‭ ‬وبأضعاف‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭ ‬لن‭ ‬تكفي‭ ‬رثاءه؛‭ ‬ولكنها‭ ‬شهادة‭ ‬لله؛‭ ‬كنت‭ ‬نعم‭ ‬الأب‭ ‬الصالح‭ ‬الكريم‭ ‬العظيم‭ ‬الشهم‭ ‬العطاء‭ ‬الوفي‭ ‬المخلص‭ ‬المتفاني‭.‬

رحل‭ ‬أبي؛‭ ‬وأقول‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬أباه‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة؛‭ ‬اذهب‭ ‬إليه‭ ‬وقبل‭ ‬قدميه؛‭ ‬واسع‭ ‬بكل‭ ‬قوتك‭ ‬لتنال‭ ‬رضاه؛‭ ‬فهو‭ ‬سترك‭ ‬وعضُدك‭ ‬وقامتك؛‭ ‬هو‭ ‬تاريخك‭ ‬واسمك؛‭ ‬فقد‭ ‬رعاك‭ ‬صغيرًا؛‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حاجتك‭ ‬وأنت‭ ‬كبيرًا‭.‬

انهل‭ ‬من‭ ‬معينه؛‭ ‬فهو‭ ‬كنز‭ ‬غير‭ ‬محدود؛‭ ‬فقد‭ ‬أمرنا‭ ‬الرحمن‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬بتوقير‭ ‬الآباء؛‭ ‬حينما‭ ‬قال‭:"‬وَقَضَىٰ‭ ‬رَبُّكَ‭ ‬أَلَّا‭ ‬تَعْبُدُوا‭ ‬إِلَّا‭ ‬إِيَّاهُ‭ ‬وَبِالْوَالِدَيْنِ‭ ‬إِحْسَانًا‭ ‬ۚ‭ ‬إِمَّا‭ ‬يَبْلُغَنَّ‭ ‬عِندَكَ‭ ‬الْكِبَرَ‭ ‬أَحَدُهُمَا‭ ‬أَوْ‭ ‬كِلَاهُمَا‭ ‬فَلَا‭ ‬تَقُل‭ ‬لَّهُمَا‭ ‬أُفٍّ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَنْهَرْهُمَا‭ ‬وَقُل‭ ‬لَّهُمَا‭ ‬قَوْلًا‭ ‬كَرِيمًا‭ (‬23‭) ‬وَاخْفِضْ‭ ‬لَهُمَا‭ ‬جَنَاحَ‭ ‬الذُّلِّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الرَّحْمَةِ‭ ‬وَقُل‭ ‬رَّبِّ‭ ‬ارْحَمْهُمَا‭ ‬كَمَا‭ ‬رَبَّيَانِي‭ ‬صَغِيرًا‭ (‬24‭)‬؛‭ ‬سورة‭ ‬الإسراء‭.‬

عندما‭ ‬كنا‭ ‬صغارًا؛‭ ‬كان‭ ‬الأب‭ ‬هو‭ ‬الحول‭ ‬والقوة؛‭ ‬وعندما‭ ‬تداهمه‭ ‬الشيخوخة؛‭ ‬يصبح‭ ‬الأبناء؛‭ ‬هم‭ ‬الحول‭ ‬والقوة؛‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تستفد‭ ‬من‭ ‬وجوده‭ ‬بتوقيره‭ ‬وتقديره‭ ‬ورعايته؛‭ ‬لن‭ ‬تكفيك‭ ‬أموال‭ ‬الدنيا‭ ‬كلها‭ ‬إذا‭ ‬بذلتها؛‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭.‬

واعلم‭ ‬أن‭ ‬دعاءه‭ ‬لك؛‭ ‬بمثابة‭ ‬غطاء‭ ‬تتدثر‭ ‬به؛‭ ‬وبه‭ ‬يعزك‭ ‬الله؛‭ ‬ويُعلٌى‭ ‬من‭ ‬قدرك؛‭ ‬وبه‭ ‬تُسهل‭ ‬لك‭ ‬أمور‭ ‬حياتك؛‭ ‬وتنفك‭ ‬به‭ ‬كُربك؛‭ ‬وأزماتك‭ ‬فاحرص‭ ‬على‭ ‬الاستزادة‭ ‬به؛‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

محمود هيكل رحل ‬أبي ‬وشيخي ‬وسندي

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,526 شراء 2,537
عيار 22 بيع 2,315 شراء 2,326
عيار 21 بيع 2,210 شراء 2,220
عيار 18 بيع 1,894 شراء 1,903
الاونصة بيع 78,550 شراء 78,905
الجنيه الذهب بيع 17,680 شراء 17,760
الكيلو بيع 2,525,714 شراء 2,537,143
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 11:23 صـ
20 جمادى أول 1446 هـ 22 نوفمبر 2024 م
مصر
الفجر 04:55
الشروق 06:26
الظهر 11:41
العصر 14:36
المغرب 16:56
العشاء 18:17