صباح الفن
إنتصار دردير تكتب: جوائز الدولة أنصفت داوود ورشوان
الجمهورية الجديدةجاء تتويج المخرج داوود عبد السيد بجائزة النيل للفنون، والفنان رشوان توفيق بجائزة الدولة التقديرية في الوقت المناسب تماماً، بعدما قرر الأول الاعتزال عندما خذلته العوائق الإنتاجية واهتمامات السوق السينمائي في الفترة الحالية، وآثر الثاني الابتعاد لعدم وجود أدوار تناسب خبرته ومرحلته العمرية، لتؤكد الجائزتين أن الإبداع الحقيقي والجميل لا يموت.. بل يريد الدعم والإنصاف، وأنه لا يزال يعيش في قلوبنا رغم حشود الفن الهابط التي تحاصرنا ليل نهار.
جاءت جائزة المخرج داوود عبد السيد لتحدث حالة من الارتياح في الأوساط الفنية، فلا يختلف أحد على لغته السينمائية الفريدة، وقدرته على طرح موضوعات شائكة بأسلوب بسيط، فقد أمتعنا بتسعة أفلام عظيمة، جمعت بين المضمون الفكري والبعد الإنساني والمتعة الفنية، بدءاً من أول أفلامه «الصعاليك» وحتى فيلمه الأخير «قدرات غير عادية».
صحيح أنه إتخذ قراره بالإبتعاد في ظل حصار حقيقي يواجه صناع الأفلام من سيطرة الأفلام التجارية وتغير ذائقة الجمهور، بعدما عانى من الانتظار سنوات بين كل فيلم وآخر بحثاً عن التمويل، ولإصراره على رفض أفلام التسلية التي لا تحمل قضية، لكن جائزة النيل للفنون كانت بمثابة ضوء في نفق مظلم، جعلت المخرج الكبير يفكر في العودة للإخراج مرة أخرى.
بينما كشف الفنان القدير رشوان توفيق، عن مدى سعادته الغامرة بحصوله على جائزة الدولة التقديرية، وهو على قيد الحياة، فبعد رحلة عطاء تجاوزت الستين عاماً قضاها عاشقاً في محراب الفن، مجسداً ببراعة مختلف أنماط الشخصيات ومتنقلاً بين جميع الألوان الدرامية (الدينية والإجتماعية والتاريخية)، وجد نفسه في حرج بالغ من أسلوب تعامل جهات الإنتاج وبترشيحه لأدوار هامشية غير ذات تأثير، فإنسحب بهدوء إحتراماً لتاريخه، خصوصاً مع أجور غير عادلة لا تتناسب مع عطاءه الكبير، ووجود أزمة كتابة عمن في مثل سنه، وقد تكون جائزة الدولة التقديرية له طوق نجاة في بحر متلاطم بلا مرسى.
لا يمكن لمنصف أن يتجاهل داوود ورشوان - مع حفظ الألقاب- وسوء منظومة العمل التى جعلتهما يبتعدان رغما عنهما، وهى مسألة مثيرة للحزن حقاً، في ظل شغفهما وقدرتهما على العودة للإبداع، والأمر يحتاج بالفعل من الدولة وجهات الإنتاج إلى إعادة نظر.
[email protected]