إعلام ” القاعدة ” وصناعة الكذب
بقلم: شريف عارف الجمهورية الجديدةلا يجب أن يمر التقرير المهم، الذي أصدره مرصد الأزهر الشريف قبل أيام مرور الكرام؛ وهو التقرير المتعلق بما تداولته وسائل الإعلام من أن عم أو جد أيمن الظواهري، الذي قتل في غارة أمريكية قبل أسبوع كان شيخًا للأزهر الشريف.
قال مرصد الأزهر، أنه تابع ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار تصدر أن أيمن الظواهري عمه أو جده كان شيخًا للأزهر، وهو أمر قد يستغله البعض للمز الأزهر الشريف من طرف خفي، وهذا ما دفعنا إلى عقد تلك المقارنة التي يُظلم فيها الشيخ الظواهري حين يوضع في جملة واحدة مع هذا الإرهابي الدموي، فهذا ادعاء غير حقيقي ولا يمت للواقع بصلة.
المرصد فند الادعاءات بقوله: أيمن الظواهر اسمه: أيمن محمد ربيع مصطفى عبدالكريم الظواهري، ولد عام 1951م، في حين أن الإمام الأكبر اسمه كاملًا هو: محمد الأحمدي إبراهيم الظواهري مولود عام 1878م، وعلى ذلك يظهر أن الشيخ الظواهري ليس عمّه قطعا، ويظهر من الاسم أنه أيضًا ليس ضمن أجداده، إذ لو كان جده لوجد اسمه ضمن أحد أجداد أيمن الظواهري، بل إن الشيخ الظواهري مات قبل ولادة أيمن الظواهري بأكثر من خمس سنوات، إذ توفي الشيخ الأحمدي عام 1944م، أي ليس هناك اتصال زماني ولا مكاني به من قريب أو بعيد، فقط مسمى العائلة، وهذا لا يسيء للإمام الظواهري فكم من عائلة صالحة خرج منها فرع عاق أساء إلى عراقتها وجعل اسمها وصمة في جبين التاريخ.
المرصد أكد أن وجود أبي لهب لا يسيء إلى بني هاشم وهم آل بيت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى وإن نشأ في نفس البيئة التي تربى فيها أبوطالب وحمزة والعباس، غير أن عبد العزى بن عبدالمطلب (أبولهب) شذ عن قيم هؤلاء وقيم والده الحكيم عبدالمطلب، وهذا لا يسيء أبدًا إلى أسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن القرآن الكريم ضرب مثلًا لأزواج الأنبياء كيف أنهم كفروا بالله ورسله، وساعدوا على الكفر والفحش كما ذكر في قوله تعالى: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" [سورة التحريم: 10]. إن الهدف هنا ليس الدفاع عن الشيخ الأحمدي الظواهري أو تبرئة ساحة الجامعات المصرية من هذا الإرهابي فهي لا تحتاج إلى ذلك؛ إذ الإسهامات العلمية لذلكم الإمام وتلكم الجامعات شاهدة على الاعتدال والعالمية، وإنما المقصود هنا تسليط الضوء على منهجين مختلفين وإن اتحدا في المسمى إلا أنهما اختلفا في الطريق والهدف.
اقرأ أيضاً
- سقط عمدًا.. .. وعاد قصدًا
- الأزهر يكرم الفائزين في مسابقتي المعلمة القدوة والأزهري الصغير | صور
- الوزارة: فتح مكتبات للأطفال وندوات ثقافية ودروس دينية .. والمصلين: مساجد الأوقاف صارت منارات علمية تحمل فكرًا وسطيًا مستنيرًا
- اغتيال وزير العدل في ولاية جنوب غرب الصومال بتفجير انتحاري
هذه الأكذوبة الكبرى، التي عاش فيها الإعلام العربي، من أن "أيمن الظواهري" هو حفيد الشيخ محمد الأحمدي إبراهيم الظواهري،هي جزء من منظومة إعلامية تخصص من خلالها التنظيم في صناعة الكذب وترويج الباطل وإشاعة الضلال، وهو في ذلك جزء من الجماعة الإخوانية الأم، التي تخصصت في ذلك من عقود طويلة.
عبر سنوات طويلة، استغل تنظيم القاعدة -كغيره من كافة تنظيمات الإرهاب في العالم- الإعلام كأداة دعائية لخدمة أهداف التنظيم في كل تحركاته، وظهرت لأول مرة شرائط الفيديو، التي تحدث فيها أسامة بن لادن والظواهري، والتي تم إنتاجها بمستوى عال من الحرفية في التصوير وزمن البث.
كل هذه الرسائل، كانت بمثابة برقيات، يتم توجيهها إلى العالم أو إلى الإدارة الأمريكية التي تحكمه على وجه التحديد، وبعض منها حملت، مزيدًا من الرسائل المشفرة الضمنية، التي يكون هدفها بالدرجة الأولى، هو إبلاغ المجموعات والهياكل التنظيمية التابعة بمعلومات جديدة أو أوامر للتنفيذ، أو التأكيد للعالم على أن التنظيم باق ولازال متماسكًا!
الخطأ الكبير يكمن في أنه منذ أحداث 11 سبتمبر، ظل الإعلام العربي في موقع المتلقي، الذي يتلقى بيانات تنظيم القاعدة، ويعيد نشرها تحت زعم أنها سبق "إعلامي".. دون أن يدرك أنه – هو وجماهيره- "المستهلك الأول" لهذه الرسائل..!