ظاهرة استقواء النساء على الرجال!
بقلم: د . محمد إبراهيم العشماوي - أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر الشريف الجمهورية الجديدةمن الظواهر الاجتماعية الغربية على المجتمعات العربية والإسلامية والشرقية التي بدأت تلوح في الأفق، منذ بداية الألفية الثالثة، وتنامت مع تنامي الحركات النسوية، التي تدعو المرأة إلى حياة التمرد والنِّدِّيَّة، وكانت سببا كبيرا من أسباب فشل الحياة الزوجية، وزيادة عدد المطلقات والمعيلات في المجتمع، وتنكر المرأة لفطرتها، وتحولها إلى شبه رجل!
ولم يتوقف الأمر عند استقواء النساء على الرجال بالقول، بل وصل الأمر ببعضهن إلى ضرب أزواجهن، وإهانتهم، وقطع أعضائهم التناسلية، وقتلهم، والتمثيل بجثثهم، كما تطالعنا به، كل حين، أخبار الحوادث والقضايا!
هذه الظاهرة لها أسباب كثيرة، من بينها:
١ - ضعف شخصية الرجل من الأصل، والمرأة بطبيعتها لا تحب الرجل الضعيف؛ لأنه يذكِّرها بنفسها، بل تحب الرجل القوي؛ لكي تحتمي به، وتأمن تحت ظله، والقوة التي تحبها المرأة في الرجل؛ قوة البدن، وقوة النفس (الشخصية)، فإذا وجدت المرأة رجلا ضعيفا استقوت عليه؛ لأن الحياة لا تحتمل ضعيفين!
وقد يكون ضعف الرجل فطريا، جُبل عليه، أو اجتماعيا، كأن يكون نشأ نشأة مدللة مرفهة، لم يتعلم فيها الاعتماد على النفس!
وقد يكون نفسيا، فمن الرجال من يحب الإهانة والإذلال، ويعشق المرأة الساديَّة التي تهينه وتذله، ويتلذذ بذلك!
وقد يكون صحيا، فيعجز عن القيام بواجباته الزوجية، وعن إشباع زوجته وإرضائها جنسيا، فتعيِّره بذلك، وتذله، وتستطيل عليه بلسانها، فيضطر إلى السكوت والخضوع؛ لأنه مقصر في حقها!
وقد ينتهي بهما الأمر - والعياذ بالله - إلى قبول الدياثة، لا سيما إن كانت المرأة فاجرة، لا دينَ يعصمها، ولا خلق يردُّها!
٢ - نشأة المرأة في أسرة تستقوي فيها النساء على الرجال، كأن تكون أمها كانت كذلك مع أبيها، والمرأة غالبا ما تشبه أمها في الطباع، فإذا انضم إلى ذلك تخاذل زوجها عن تأديبها وإصلاحها؛ استفحل أمرها، وعظم ضررها، واشتد خطرها، فتعذر تقويمها، وكل شيء قعدتَ عن إصلاحه زاد فساده حتى يَهلك!
٣- طبيعة الحياة العصرية التي اقتضت خروج المرأة للتعليم والعمل، ومشاركاتها الرجل جنبا إلى جنب، في معركة الحياة، فقلَّل ذلك من هيبة الرجل بالنسبة لها، وصارت ندا له في كل أمر؛ لأنها تعمل وتنفق على البيت مثلها مثله، من غير فرق، فصارت كلمتها ككلمته، وكلما وجدت المرأة شيئا من أسباب القوة، التي تغنيها عن الاعتماد على الرجل؛ استقوت بها على الرجل، شاءت أم أبت، كشهادتها العالية، ووظيفتها المرموقة، وأهلها الأثرياء، وهذا قانون طبيعي أشار إليه القرآن في قوله تعالى: " كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى"!
وقد أشار إلى ذلك علقمة الفحل، في بيته المشهور السائر:
إذا شابَ رأسُ المرء أو قلَّ مالُه فليس له في وُدِّهِنَّ نصيبُ!
٤ - ويمكن اعتبار هذا سببا رابعا، وهو شعور المرأة بالقوة التي تغنيها عن الاعتماد على الرجل، عند توفر أسبابها، في مقابل ضعف الرجل!
٥ - تصاعد الحركات النسوية التي تستهدف طبيعة المرأة وفطرتها، وتحويلها إلى مسخ مشوه، لا هي رجل، ولا هي امرأة، وقد نجحت تلك الحركات إلى حد بعيد في إقناع المرأة العصرية بالتمرد على حياتها كأنثى، ثم بالتمرد على الرجل، ثم بالتمرد على قيم المجتمع، ثم بالتمرد على أحكام الدين!
وإزاء كل هذا التمرد تحولت المرأة إلى كائن متوحش، لا يبالي بشيء، ولا يُبقي على شيء!
وصار الوضع مقلوبا، على نحو ما سجلته في قديم شعري، فقلت:
بَدَت الفتاةُ كأنها رَجُلُ أما الفتى فاسْتَنْوَقَ الجَمَلُ!
إن لم يَعُدْ كلٌّ لفِطْرَتِهِ فلَسَوْفَ يُعْدَمُ منهما أَمَلُ!
وإذا النساءُ سَمَتْ فقد كمَلتْ وإذا الرجالُ سَمَوْا فقد كَمَلُوا!
والحاصل: أن ظاهرة استقواء النساء على الرجال؛ باتت تهدد الحياة الزوجية والحياة الاجتماعية عموما، ولكي نقضي على هذه الظاهرة؛ لا بد من عودة الحياة إلى طبيعتها، وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح، الرجل رجل، بكل ما تحمله الكلمة من دلالة، والمرأة مرأة، بكل ما تحمله الكلمة من دلالة!
ولن يتأتى ذلك إلا بالتربية الأسرية الصحيحة، والتربية الاجتماعية الصحيحة، والتربية الدينية الصحيحة، وقيام كل مؤسسة - رسمية أو أهلية - بواجبها تجاه التربية الصحيحة!
وبعبارة مختصرة : العودة إلى الفطرة السوية، التي فَطر اللهُ الناسَ عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون!