في ذكراك الأربعين .. رحلت عنا ولم ترحل منا يأبي
بقلم: محمود هيكل الجمهورية الجديدةأربعون يوماً من الفراق والحزن مضت على رحيلك يا أبي. فبأي كلمات أرثيك؟ وبأي دمع أبكيك؟ لقد خرجت يا أبي من دنيانا وأنت الآن بين يديْ الرحمن الرحيم، لكنك لم تخرج من قلوبنا، وشهادة الناس فيك، هي أكبر حب وأكبر تشريف.
مر أربعون يوماً علي من كان يصدح بالحق، والساعى دائما للتصالح بين العباد، ونصير الغلابة والفقراء والمساكين ، والداعم والسند والحصن القوى لنا من رياح وعواصف الأزمات، والزارع فينا الكرامة والكبرياء وقيم الشرف والأخلاق ونظافة اليد والتسامح .
أربعون يوماً يا أبي مضت …والجرح ينزف … على فراقك أبكي وتدمع عيوني ويذوب قلبي برحيلك يأيها النور الذي كان يضيء حياتي.. والنبع الذي كنت أرتوي منه حباً وحناناً.
أربعون يوماً يا أبي مرو وكأنهم أربعون عاماً ، منذ أن فارقتنا بجسدك الطاهر والمعطر دائما برائحة المسك .. يأغلى من نفسي التي بين جوانحي وأحب إلي من روحي التي تسري في جسدي..
يا أبي .. لقد حُرمت من سعة صدرك وحديثك الممتع .
يا أبي .. لقد حُرمت من النظر في وجهك وتقبيل يدك صباحا ومساء.
يا أبي .. هل تعلم بأني لم أجد من يغمرني بحنانه بعدك .. وهل تعلم بأني لم أجد من يزرعني في حدائق قلبه بعدك .. وهل تعلم بأني لم أجد من يحرسني بعيونه ويحميني من نوائب الدهر وأوجاعه بعدك .
يا أبي .. لقد سكن القلب صمتاً رهيباً وخوفاً وأيقظ الحزن والألم بداخلى .
يا أبي .. لقد نضب الدمع في عيني، بعد أن رحلت وأخذت معك مفاتيح حياتى إلى جنات الخُلد.
يا أبي .. هل تعلم بأني أول مرة أشعر بالوحدة وألم الفراق ومع ذلك ستبقى أغلى الغاليين دائما وأبدا وستظل في القلب والوجدان ولا يمكن للأيام والسنين أن تمحو ذكراك الغالية أبداً ما حييت..
يا أبي .. لقد مر أربعون يوماً من قسوة الفراق ولوعته ، ووجع البُعاد وحرقته على رحيلك الموجع الأليم ، تمر الأيام والجرح ما زال ينزف والقلب ما زال يبكي .
يا أبي .. هل تعلم أن كل منا ماتت فيه أشياء ورحلت عنه أخري.
يا أبى .. لم نعد كسابق عهدنا.. لقد غاب الفرح عن بيتنا وأصبحنا أجسادا بلا أرواح نعيش لمجرد أن الله وهبنا الحياة.
يا أبي .. هل تعلم بأن أمي ارتدت الأسود، ولا تكًف عن البكاء، ورحلت عنها البسمة والضحكة، وتحتضن ملابسك وحذاءك وسبحتك وأدواتك الشخصية، تنظر إلي صورتك وتقول: لا راد لقضاء الله.. "الله يرحمك ياعدلي"
يا أبي .. هل تعلم بأن اختى، رغم تماسكها الخارجي، إلا أنها منهارة، لا تكًف عن مشاهدة فيديوهاتك وصورك مع محبينك ومريدينك و لا تكف عن البكاء وحدها، وهي تتذكر طفولتها معك، وحنيتك وطيبتك .
أما أنا، فمهما تحدثت عنك لن تعبر الكلمات عما أريد أن أقوله مما حدث، لأنك قد شغفتنا حباً لم تكن مجرد أب، بل كنت صديقا وحبيبا وأخا ورفيقا ومكمن أسرار، ومصدر قوة وسعادة لى ولآخواتي ولكل من عرفوك..
ولكني كنت أعلم يا أبي .. بأن في نهاية الرحلة سأفقدَ أشخاص غالية علي قلبي ويكون الألم أشد قسوة علي القلب ويكون من الصعب تحمله٬ نعم يا أبي .. أشخاص رحلت ولم يعودو معنا وعندما أتذكرهم أتذكر كل شي جميل كان يحدث بينانا فأبتسم ابتسامه خافته وأشعر بهم وكأنهم حولي.
إنه يا أبي .. الذي يُشار إليه بالبنان وأفتخر به بين الأنام .. فهنيئاً لي بأبي .
يا أبي .. تأتيني ذِكرياتُك، في لمحِ البصر تَمُرُ كُل المشاهد دَفعةً واحدة، ولا أدري هل تتسابق لتواسيني، أم أنها تخشى من أن تطولَ لحظاتِ الألم فتقتلني.
لا أدري يا أبي .. بما أعزي بهِ نفسي .. أربعون يوماً مَرَو علي بسرعةِ البرق وثُقلِ الجبال.
إنه أبي.. كان هيبتي وعزي وسبب شموخي وعلو راسي، وصديقي وشيخي وأخى.
إنه أبي.. مثلي الأعلى بالحياة .. و تعلمت منه كيف أكون إنساناً سويا و أحب الخير لكل من حولي وأسامح كل من ظلمني .
عليك سحائب الرحمة والغفران والعفو والرضوان .. يا من لا أجد في وفائك وعطائك ولو أحبّني أهل الأرض جميعاً.
إنه أبي مولانا الشيخ .. عليه سحائب الرحمة والغفران والعفو والرضوان
يااااااه لِهذهِ الدنيا ... لحظاتٍ وانقطعت كُل صِلة لك بهذا العالم ولا يبقى سوى السمعة الطيبة والعمل الصالح يا أبي
يا تُرى يا أبي ..في نهاية رحلتي هل سألتقي بك؟ أسأل الله أن يجمعني بك في الآخرة في الفردوس الأعلى من الجنة على منابر من نور اللهم آمين.
اللهم اجعلني خلف صالح يفتخر بى أبى يوم القيامه كما أفتخر أنا به الي يوم مماتي رب اجعلني واخوتي ستر بينه وبين نار جهنم
أاللهم اجعل أبي مِن أهلِ الجنة.. اللهم ارحمه رحمةً تسع السماوات والارض اللهم اجعل قبره في نور دائم لا ينقطع واجعله في جنتك آمنًا مطمئنًا يارب العالمين.